نواقض الإسلام (7)

السحر

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله 
أما بعد: 
الناقض السابع من نواقض الاسلام هو : السحر.
 فمن فعله أو رضي به ؛ كفر  
والدليل قول الله تعالى : {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} [البَقـَـرَة: 102].
والكلام في هذا الناقض يكون من وجوه عدة : 
1-  معنى السحر لغة واصطلاحا .
2-  حكم السحر .
3- بيان خطورة السحر .
4- أنواع وأقسام السحر .
١. السحر في لغة العرب :ما خفي ولطف سببه، ومنه يسمّى السَحَر لآخر الليل، لخفاء الأفعال فيه، والسحْر (بفتح السين وسكون الحاء) هى الرئة وهي محل التنفس وسميت بذلك لخفائها ولطف مجاريها إلى أجزاء البدن كما قال أبو جهل يوم بدر لعتبة: انتفخ سحره، أي انتفخت رئته من الخوف.
واصطلاحا هو عزائم ورقى و قراءات وطلاسم يتوصل بها إلى استخدام الشياطين لإلحاق الضرر بالمسحور، وله حقيقة، فمنه ما يؤثر في قلب المسحور وعقله وإرادته، فينصرف عن شيءٍ ويميل لآخر، ولهذا يُسمى الصرف والعطف أي صرف الرجل عما يهواه كصرفه عن زوجته ونحو ذلك، والعطف بعكس ذلك.
والسحر يدخل في الشرك من جهتين :
الجهة الأولى : ما فيه من استخدام الجن والشياطين، والتقرب إليهم من دون الله بما يريدونه، ليوصلوا الساحر إلى مبتغاه، ويعلمونه كيفية السحر كما قال تعالى : {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}[البَقـَـرَة: 102]
الجهة الثانية : ما فيه من ادعاء علم الغيب، ومنازعة الله في خصوصياته{قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} [النَّـمل: 65]
والأصل في السحر أنه كفر وشرك، وقد يكون منه ما هو دون الكفر.
فالسحر الذي هو شرك، هو الذي يكون بواسطة الشياطين، فيُتقرب إليهم ببذل القرابين والعبادة لهم من دون الله.
اما القسم الثاني :هو ما يكون بواسطة العقاقير والأدوية لأذية الخلق وصدهم عما يريدون فهو ظلم وعدوان ولكن دون الشرك .
وأما السحر الرياضي الذي يرجع إلى سرعة الحركة وقوّة الجسد وخفّة اليد والسحر بالتمويه، وهو ما يكون بقلب الحقائق وإظهارها على غير حقيقتها، فهذان من التدليس والخداع والغش وإنما أدخل هذه الأنواع المذكورة في السحر للطافة مداركها وخفائها؛ لأن السحر في اللغة عبارة عما لطف وخفى سببه ولهذا جاء في الحديث: «إن من البيان لسحراً».
٢. حكم الساحر:
  اختلف العلماء فيه على قولين:
فمنهم من أطلق الكفر، كما هو ظاهر صنيع المصنِّف الإمام محمد بن عبد الوهاب وهو قول جمهور العلماء لقوله تعالى{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ}: [البَقـَـرَة: 102 ]
ومنهم من نص على التقسيم الذي ذكرناه وهو الأظهر (اي منه كفر ومنه دون ذلك).
 ومن أطلق الكفر فظاهره أنه يقصد القسم الأول.
وقتل الساحر اختلف فيه العلماء بناءً على اختلافهم في حكم الساحر، فإن كان سحره كفراً قتل مرتَداً.
وإن كان سحره دون الكفر، قتل دفعاً لأذاه وشرّه وكفاً لفساده، وهذا يرجع للمصلحة المترتبة على بقائه.
وهذا لما ثبت في صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة أنه قال: “كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة. فقتلنا ثلاث سواحر”، ولما صح عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها: “أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها. فقتلت” (رواه مالك في الموطأ)، ولما ثبت عن جندب أنه قال: “حد الساحر ضربة بالسيف” (رواه الترمذي وقال: الصحيح أنه موقوف)
٣. خطورة السحر :
أولا : أن الله عز وجل بيَّن خطورته في كتابه ، وذلك أنه كفر بالله العظيم ، وكل ما كان كفرا فهو أمره عظيم وشأنه خطير فالنصوص جاءت بالتحذير منه ، والحكم على من فعله بأنه كافر 
ثانياً: أن النصوص أيضا بينت أن من يأتي إلى هؤلاء السحرة ويصدقهم بما يقولون فهو كافر مثلهم؛
 لقول النبي – صلى الله عليه وسلم “من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمدﷺ” رواه أبو داود وصححه الحاكم
وقوله (من أتى عرَّافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) رواه مسلم 
ثالثاً : أن السحر فيه استعانة واستغاثة وتعلق بالشياطين من دون الله وهو شرك أكبر.
رابعاً: أن فيه ادعاء للغيب. 
 خامساً: لما يحصل من السحر من ضرر على من وقع له هذا الأمر.
٤. أنواع وأقسام السحر : 
السحر يطلق على خمسة أشياء :
1–  السحر الحقيقي ، والذي كما تقدم أنه يؤثر في القلوب وفي الأبدان فيسقمها ويُمرضها ويغير محبتها أو بغضها ، فهذا النوع الأول هو من أنواع السحر الحقيقي ، وهذا رأس هذه الأنواع الخمسة .
2–   السحر التخييلي
 كما قال تعالى : ( يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى ) ، فيخيل للإنسان أن هذا الشيء على خلاف ما هو عليه .
وهذا النوع قد اختلف أهل العلم في تكفير من وقع منه ، ووجه الخلاف  أن هذا النوع من أنواع السحر إن كان فيه استعانة بالشياطين فلا شك في كفر من فعله ، وأما إن كان فيما يسمى بـ : خفة يد ، أو يستعمل بعض خواص الأشياء اختلف أهل العلم في تكفير من فعله هل يكون كافرا أم لا ؟، وذهب جمهور أهل العلم إلى الحكم بكفره ، وذهب الإمام الشافعي إلى أنه لا يكفر ، والنصوص الشرعية في الحقيقة جاءت عامة ولم تفرق ما بين هذا وهذا وإنما حكمت بحكم عام : بأن مرتكب السحر أنه كافر بالله العظيم ،والله عز وجل قد ذكر في كتابه السحر التخييلي ، لكنه سبحانه وتعالى لم يفرق في حكم الساحر ، فالقول في أنه كافر قول قوي له وجاهته .
3–  النوع الثالث من أنواع السحر التي جاءت في الكتاب والسنة : ادعاء علم الغيب سواء كان هذا الادعاء بالتنجيم ، أو كان هذا الادعاء بزجر الطير ، أو كان هذا الادعاء بقراءة الكف أوالفنجان أو ما شابه ذلك ، فكل هذا جاءت النصوص بإطلاق السحر عليه والدليل :حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه سمع الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر ، زاد ما زاد )رواه أبو داود ، 
ومن ذلك ما جاء في الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال 🙁 إن العيافة والطرق والتنجيم من الجبت ) رواه الإمام أحمد وأبو داود ، والجبت هو السحر. وحكمه انه كفر .
4–  النوع الرابع هو النميمة ، تمسى أيضا سحرا كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه الذي أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( ألا أنبئكم ما العضل ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : هي النميمة القالة بين الناس ) رواه الإمام مسلم ، ، والعضل فسره بعض أهل العلم بالسحر ، وفسره بعضهم بالنميمة وممن فسره بالسحر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه ،ووجه دخوله في السحر أنه يفرق ما بين الناس ، ويفسد ما بين الناس ، فكذلك أيضا السحر. ولكن حكمها انها كبيرة من الكبائر .
5-  والأمر الخامس الذي جاءت النصوص بإطلاق السحر عليه هو : البيان والبلاغة كما جاء في حديث سفيان عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر ، أنه سمع الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : “إن من البيان لسحرا” رواه البخاري 
ووجه إطلاق السحر على البيان : أن البيان يؤثر على الناس وعلى السامعين ، فقد يقلب الحق إلى باطل ، أو الباطل إلى حق ، فيستميل الناس ويؤثر فيهم ، وكذلك الساحر يستميل ويؤثر بالناس  فهذا النوع إما أن يستعمل في حق ، في تبيين الحق والدعوة إليه ، فهذا حق .
والرسول عليه الصلاة والسلام قد أوتي جوامع الكلم عليه الصلاة والسلام ، ومن ذلك الفصاحة والبيان ، وإما أن يستعمل البيان عافانا الله وإياكم في قلب الحقائق وإبطال هذه الحقائق والتلبيس على الناس ، فلا شك أن هذا محرم ولا يجوز .
 وإن كان هذا التلبيس يؤدي إلى كفر فهو كفر.
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. 
جمع وترتيب: إيثارأشرف
المراجع: متن نواقض الإسلام للشيخ محمد بن عبدالوهاب ،كتاب دروس في شرح نواقض الإسلام للشيخ صالح الفوزان ،كتاب الإعلام بتوضيح نواقض الإسلام للطريفي،وشرح نواقض الإسلام لعبد الله السعد

You May Also Like