نواقض الإسلام (4)

الناقض الرابع

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
ذكرنا في مقالاتنا السابقة أن المسلم المؤمن والموحد إذا فعل ناقضا من نواقض الإسلام انتقض إسلامه ودينه فحريٌّ بالعبد المسلم معرفتها والعمل على على الحذر منها ، فلا زلنا في ذكر هذه النواقض فتقدم ذكرنا في المقالات السابقة أربعة نواقض وفي هذا المقال سيكون حديثنا عن الناقض الرابع وهو:
(من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه وأن حكم غيره أحسن من حكمه كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر)
يجب أن يعتقد المسلم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره وحي من الله تعالى، فالسنة قسيمة للقرآن بالوحي، قال تعالى : {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى }[النّجْـم: 3-4].
فكل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ فالأصل به أنه وحي من ربه بواسطة جبريل، وإن لم يُسنِده عنه في كل حال ،ولذا يسمي السلف القرآن والسنة (الوحيين) وهذا مُسلَّم لدى المسلمين، وقد ترجم البخاري في كتاب التوحيد من «صحيحه»: (باب ذكر النبي وروايته عن ربه) ،فالسنة وحي وهذا متقرر عند أئمة الإسلام عامة من السلف والخلف،والوحيان ناسخان لكل شريعة سابقة، وهما أصلح شريعة يهتدى ويقتدى بها
إذا عُلِم هذا عُلم أن من ردّ أو جحد السنة أو شيئاً منها، فقد ردّ أو جحد القرآن أو شيئاً منه.
ومعارض السنة معارض القرآن، فكلاهما من وحي الله، وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم خير هدي كما جاء في «صحيح مسلم» من حديث جابر مرفوعاً : «خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد».
وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم كاملة لا نقص فيها: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإْسْلاَمَ دِينًا}[المـَـائدة: 3]
وألزم الله بلزومها: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإْسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }[آل عِـمرَان: 85].

فمن اعتقد أن شيئاً من هدي الشرائع الأخرى سواءً كانت شرائع سماوية كاليهودية والنصرانية المحرّفة، أو التشريعات التي يضعها الناس ويقنِّنونها من دون الله خير من هدي محمّد صلى الله عليه وسلم وأنفع للناس، وأصلح لاستقامة حياتهم وأمنهم ومعيشتهم، فهو كافر خارج من الملة بإجماع المسلمين وإن حكم بما أنزل الله.
وقد أمر الله بالتحاكم إلى شريعته، ولزوم حُكم نبيه صلى الله عليه وسلم، فمن فضّل حُكماً على حُكمه فهو كافر بالله العظيم.
فمن مقتضى الإيمان بالله ورسوله الخضوع لحكمه، والنزول عند شرعه، والرضا بأمره، ولزوم قضاءه في العقائد والأقوال والأفعال، والرجوع إلى كتاب الله وسنته عند الاختلاف في الخصومات والدماء والأموال وسائر الحقوق، فلا ينازع الله في حُكمه {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ}[الأنعـَـام: 57].
فيجب على الحُكَّام الحكم بحكم الله وشرعه، وعلى المحكومين التحاكم إلى ما أنزل الله في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا *}[النّـِسـَـاء: 60]
ثم بين وأقسم سبحانه وتعالى أنه لا يجتمع الإيمان مع التحاكم إلى غير ما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[النّـِسـَـاء: 65]فنفى الله الإيمان مؤكداً ذلك بالقسم عمن لم يتحاكم إلى ما أنزل الله ويرضى بحكمه ويسلم له.
ونفي الإيمان هنا يدل على أن تحكيم ما أنزل الله بين الناس إيمان، وقُربة يتقرب بها إلى الله، فيجب مع التحكيم اعتقاد ذلك ديناً وتعبداً، لا أنه أصلح للناس فحسب.
ومن بدّل شريعة الله بغيرها من القوانين فهذا كفر، فقد حكم الله بكفر الذين لا يحكمون بما أنزل الله فقال تعالى : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المـَـائدة: 44]
فمن منع عقوبة الزنا إذا تراضيا أو بدّل حكم السرقة من القطع إلى التعزير بالبدن أو المال أو حكم بحرية الاعتقاد فكل ذلك من الكفر والضلال المبين.
وتنحية الشريعة الإسلامية وعدم التحاكم إليها عند الخصومات وغيرها في شئون الحياة من أخطر وأوضح مظاهر الضلال والانحراف في هذا الوقت في مجتمعات المسلمين.
فهذه المسألة تنقسم إلى ثلاثة أقسام :

1- إما أن يعتقد الإنسان أن حكم وهدي غير الرسول عليه الصلاة والسلام أحسن من هدي وحكم الرسول عليه الصلاة والسلام : فمن اعتقد ذلك فهذا كافر من جهتين :
أ – أنه كذب ما جاء في كتاب الله ، وما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدين والطريقة التي أتى بها الرسول عليه الصلاة والسلام هي أكمل وأحسن وأفضل الطرق
ب- انتقاص الخـالـق والعياذ بالله ، ولا شك أن من انتقص الرب سبحانه وتعالى فهذا خرج عن الدين وكفر بربه
2- وأما القسم الثاني هو : أن يعرض عن شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يحكمها ولا يتحاكم إليها :
وهذه المسألة قد أشرت إليها فيما سبق ، وهذه أيضا كفر
3- والقسم الثالث هو : من يعتقد أنه يسعه الخروج على هدي الرسول عليه الصلاة والسلام وحكمه: فهذا كفر آخر ومخرج عن الملة ، وذلك أن الله عز وجل أمر الناس بالاستسلام وبالانقياد إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم .

جمع وترتيب:إيثارأشرف المزّين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع: كتاب الإعلام بتوضيح نواقض الإسلام للطريفي،وشرح نواقض الإسلام لعبد الله السعد

You May Also Like