نواقض الإسلام (2)

نواقض الإسلام (2)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
ذكرنا أنَّ العلماء رحمهم الله في باب حكم المرتد قالوا: أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله، ويكون بها خارجا من الإسلام، ومن أخطرها وأكثرها وقوعا عشرة نواقض ذكرها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب وغيره من أهل العلم رحمهم الله جميعا،وكان الأول من هذه النواقض الشرك في عبادة الله وقد ذكرنا ما يتعلق بهذا الناقض من نواقض الإسلام أما في هذا المقال بإذن الله سيكون الحديث عن الناقض الثاني وهو :

(من جعل بينه وبين الله وسائط، يدعوهم ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم، كفر إجماعاً):
هذا الناقض الثاني من جملة الشرك ومن صور الشرك ، ولكنه أفرد لأهميته ، ولكثرة من وقع فيه من الناس ولهذا ذكره ، وإن كان داخلاً في الناقض الأول ،وهذا الناقض هو الذي وقع فيه مشركوا قريش، حيث جعلوا مع الله وسائط تقربهم إلى الله زلفى، مع إيمانهم بربوبية الله قال تعالى حاكياً عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزُّمـَـر: 3]
وقال:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}[يُونس: 18]
وهذا الناقض وقع فيه كثير ممن ينتسب للإسلام في هذا العصر، جعلوا بينهم وبين الله وسائط، وهو الشرك الذي وقع فيه كفار قريش، إلاَّ أن هؤلاءِ زعموا تصديقهم واتباعهم لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهم أبعد عن هدي الرسل، وقد أنكر نبي هذه الأمة هذا الشرك على كفار قريش وبين أنهم يعبدون من دون الله آلهة أخرى، لا تملك لهم ضراً ولا نفعاً وسماهم كفاراً ومشركين

قال تعالى :{قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}[الزُّمـَـر: 38]،ومع إقرارهم بأن الله هو الخالق، ولا يقدر على الخلق والرزق والإحياء والإماته إلا الله، ومع هذا لم يصيروا مسلمين موحدين بل كانوا مشركين
وتبع المشركين على هذا كثير ممن يتسمى بالإسلام فعظّموا الأضرحة والمزارات وتقربوا إليها بالذبح والنذر وسألوها قضاء الحوائج ، فمن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم أو يذبح لهم أو ينذر لهم أو يتوكل عليهم فإنه كافر بإجماع المسلمين
وينبغي أن يُعلَم أن الوسائط تنقسم إلى قسمين :
1- وسائط مشروعة:
الواسطة هنا بمعنى تبليغ الرسالة أي أن تجعل بينك وبين الله عز وجل واسطة في تبليغ الرسالة مثل بعثة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام إلى المخلوقين ، فلا شك أن هؤلاء واسطة بين الناس وبين الرب عز وجل ، فالواسطة بهذا المعنى حق

2- وسائط ممنوعة:

و الواسطة هنا بمعنى طلب الشفاعة وبمعنى طلب الاستغاثة أو النذر أو التوكل أو طلب الإعانة والمعاونة وما شابه ذلك ، فهذه تنقسم إلى خمسة أقسام:
الاول :منها (واجب) وذلك بالتوكل والاعتماد وسؤال العون والقوة من الله سبحانه وتعالى،

والثاني(مستحب) وذلك بكثرة اللجوء إلى الله عز وجل وتعليق الأمور بيده سبحانه وتعالى والالتفات بالقلب إليه وعدم الالتفات إلى غيره،

والثالث(جائز) وهو سؤال المخلوقين والاستعانة بهم ، فهذا يكون جائزا بشروط :
أن يكون هذا المطلوب منه حاضرا وليس غائبا أو ميتا ،
وان يكون قادرا على ما طلب منه

وأما الأمر الذي يعتبر (مكروه) والأولى تركه هو : كثرة سؤال الناس فيما هم قادرين عليه ، وفيما هو في وسعهم أن يحققوه لمن طلب منهم ، فمثل هذا لا شك أنه مشروع ، لكن الإكثار منه يكون مكروه .

وأما الخامس الذي هو (محرم) : فهو ما يجعله العبد واسطة بينه وبين الرب عز وجل فيما لا يشرع وفيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه كدعاء غير الله او التوسل بالاموات والاستغاثة بقبور الصالحين فهذا هو الشرك بالله ، وهذا هو الناقض الثاني من نواقض الإسلام.

وأما مايتعلق بمسألة الشفاعة فالشفاعة في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى قسمين :
الأولى : شفاعة منهي عنها:
وهي التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، ونفاها الله وأبطلها قال تعالى : {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ}[الأنعـَـام: 51].

الثانية :
الشفاعة المثبته يوم القيامة: وهي التي أذن الله فيها وهي التي تطلب من الله وحده (وهي لأهل الإيمان والتوحيد خاصة) يشفعون لمن أرادوا من اهل الدنيا ، وأثبتها الله بشرطين:
الأول: إذن الله تعالى للشافع أن يشفع قال تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}[البَقـَـرَة: 255].

الثاني: رضا الله عن المشفوع له، قال تعالى:{وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى}[الأنبياء:28].

جمع وترتيب :إيثار أشرف المزين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع: كتاب الإعلام بتوضيح نواقض الإسلام للطريفي
شرح نواقض الإسلام لعبد العزيز الراجحي
شرح نواقض الإسلام لعبد الله بن عبد الرحمن السعد

You May Also Like