الناقض الخامس
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد: فحديثنا في هذا المقال عن الناقض الخامس من نواقض الإسلام ألا وهو:
(من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كفر، حتى ولو عمل به)
فمن كره شيئاً من شريعة الله وهدي محمد صلى الله عليه وسلم وحكمه سواءً كان أمراً أو نهياً مما جاء به من العقائد والشرائع فقد كفر بالله تعالى، وهو من صفات المنافقين النفاق الاعتقادي الأكبر الذي يخرج صاحبه من الإسلام وصاحبه في الدرك الأسفل من النار قال الله تعالى : {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ *ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ *}[محـَـمَّد: 8-9] فسماهم الله كفاراً بقوله (الذين كفروا) بسبب أنهم (كرهوا ما أنزل الله) ولكون الكفر لا يبقى معه من عمل الخير شيء فإنه يحبطه بالكلية قال (فأحبط أعمالهم).
فالعبادة قائمة على أربعة أركان :
أ – على كمال الخضوع والذل .
ب- وعلى كمال الطاعة والانقياد .
ج- وعلى كمال المحبة والمودة .
د- وعلى أيضا كمال التعظيم لله سبحانه وتعالى .
وهؤلاء المنافقون النفاق الاعتقادي موجودون في كل زمان كما يصنعه كثير من منافقي العصر و ممن اغتر بما عليه الغرب، وكرهوا الحكم بما أنزل الله وإعمال حدوده كحد السرقة وشرب الخمر والقاتل عمدا فهؤلاء مبغضون لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله وعليه فهم كفار خارجون من ملة الإسلام ولو عمل أحدهم بما أبغضه من شريعة الله لم ينفعه ذلك، كمن نكر تعدد الزوجات مطلقاً وأبغض هذا التشريع فهو كافر بالله وإن عدد وتزوج أكثر من واحدة ،ومثله من كره حكم الله وقضاءه في أن شهادة المرأتين بشهادة الرجل الواحد أو كره ما جاءت به بعض النصوص الثابتة من أخبار مغيبة بزعم أنها لا تتوافق مع العقل أو مع الواقع.
وهذا الناقض ينقسم إلى قسمين :
•إما أن يكره الإنسان – والعياذ بالله – ربه عز وجل أو الرسول عليه الصلاة والسلام الذي أرسله الله عز وجل ، أو أن يكره ما شرعه الله سبحانه وتعالى ، إما أن يكره ذلك كراهة كلية أو بعضه ولا شك أن هذا كفر وردة وخروج عن ملة الإسلام
• وإما أن يحب ويتمنى أن الله عز وجل ما شرع هذا الشيء ، لكن مع اعتقاده بأن ما شرعه الله عز وجل هو الحق ، وهو الصواب ، وهو الذي فيه الفلاح والنجاح ، وهو الموافق للعلم والحكمة. فهذا ليس داخل في هذا الناقض.
فالكره الذي لا يقع على ذات التشريع، مما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ككره الزوجة أن يُعدِّد عليها زوجها، وككره المؤمنين للقتال لما فيه من فقد النفس والمال قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}[البَقـَـرَة: 216].
فهذا أمر فطري لا يملكه العبد، فالزوجة لم يقع كرهها على ذات التشريع، والحكم العام في الإسلام، وإنما كرهت أن يتزوج زوجها زوجة أخرى، تكون قسيمة وضرة لها،والمقاتل إنما كره القتال لما جبلت عليه النفس من حب الحياة وكراهية الموت لكنه مقر بفضل القتال في الإسلام.
فالمقصود من هذا الناقض هو : أن يكره الإنسان ما شرعه الله عز وجل ، بحيث أنه يعتقد نقصان ذلك وأن الذي شرعه الله – والعياذ بالله – لا يحقق لا المصلحة ولا الفائدة ولا الفوز ولا النجاح ولا السعادة لا في الدنيا ولا في الآخرة ، فهذا هو المقصود بهذا الناقض.
جمع وترتيب:إيثارأشرف المزّين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع: متن نواقض الإسلام للشيخ محمد بن عبدالوهاب ،كتاب دروس في شرح نواقض الإسلام للشيخ صالح الفوزان ،كتاب الإعلام بتوضيح نواقض الإسلام للطريفي،وشرح نواقض الإسلام لعبد الله السعد