نواقض الإسلام (6)

الناقض السادس

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أما بعد:
الناقض السادس : من استهزأ بشي من دين الله ؛ كفر .
والدليل :
أولا : ما جاء في كتاب الله عز وجل :
قوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ }[التّوبـَـة: 65-66]
وقد نزلت هذه الآية في جماعة استهزءوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ،قالوا : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء يعنون الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فنزلت فيهم هذه الآية ،وقد حكم الله بكفرهم، وقطع بعدم عذرهم مع قولهم معتذرين : {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} فقال الله تعالى لهم : {لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}، أي كفرتم بعد كونكم مؤمنين بالله، والإيمان لا يجعل صاحبه يستهزيء برسول الله أو دينه، ولكن لمّا كان إيمانهم ضعيفاً قالوا الكفر لاعبين هازلين.
والاستهزاء بدين الله من صفات الكفّار قال تعالى : {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً *إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً *}.[الفـُـرقان: 41-42]،
ومن صفات المنافقين قال تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ *وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ *وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ *وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاَءِ لَضَآلُّونَ *وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ *} [المطفّفِـين: 29-33].
وثانيا : ما أجمع عليه المسلمون قاطبة ، من أن الاستهزاء بشيء من الدين يعتبر كفر أكبر مخرج من الملة.
والاستهزاء إما أن يكون بالله جل وعلا – والعياذ بالله – بالله عافانا الله وإياكم من ذلك ، وإما أن يكون برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإما أن يكون بشيء من الدين ، فالاستهزاء إنما يكون بواحد من هذه الأشياء الثلاثة أو بكلها.
والاستهزاء معناه : الانتقاص والسخرية من الرب جل وعلا ، أو من الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو من شيء من الدين ،وهذا الاستهزاء سواء كان ناشئا عن اعتقاد ، أو عن غير اعتقاد يعتبر كفر و ردّة عن الإسلام، وخروج من ملّة خير الأنام، وإن كان المستهزيء مازحاً أو هازلاً ، وقد توعد الله من اتخذ آياته هزواً ولعباً بالعذاب المهين، فقال: {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ *}[الجـَـاثيـَـة: 9].
والاستهزاء يقع على نوعين :
أحدهما : الاستهزاء الصريح كمن نزلت فيهم الآية من المنافقين، وسبق ذكرهم
النوع الثاني : الاستهزاء غير الصريح كالغمز باليد أو اللسان عند تلاوة كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو عند رؤية شعائر الله، وكلاهما يعد استهزاءا .
ولعظيم خطر الاستهزاء بالدين حذر الله حتى من الجلوس مع المستهزئين فقال تعالى : {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَىءُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا *}[النّـِسـَـاء: 140]
لأن من يجلس معهم فهو راض عن قولهم غير منكرا عليهم فهما فى الإثم سواء.
وفيما يتعلق بمن يستهزئ بشيء من دين الله ثلاثة أمور:
1- أولا : اما ان يكون معتقدا
 .2- ثانيا : او ان يكون قاصدا .
3- ثالثا : سبق اللسان وعدم القصد .
أما المعتقد و القاصد ، فهو كافر ، لكن لا شك أن المعتقد أشد ،
وأما سبق اللسان -وهو من  يريد أن يقول كلام وسبق لسانه إلى كلام آخر- فهذا لا يؤاخذ  ،لأنه لم يكن قاصدا ، فينبغي الانتباه إلى هذه الدرجات الثلاث.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
جمع وترتيب:إيثارأشرف المزّين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع: 
متن نواقض الإسلام للشيخ محمد بن عبدالوهاب 
كتاب دروس في شرح نواقض الإسلام للشيخ صالح الفوزان 
كتاب الإعلام بتوضيح نواقض الإسلام للطريفي
شرح نواقض الإسلام لعبد الله السعد

You May Also Like