داء “العجب بالنفس” عند طلبة العلم

يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى – عن هذه الفِتنة
ومِن الفِتن ما يَرِد أو ما يعرض لبعض طلبة العلم من الإعجاب بالنفس، والاعتداد بالرأي، واحتقار الآخرين، وعدم رفْع الرأس لأقوالهم، حتى يتصوَّر الإنسان نفسه كأنَّه عالِم الأمة، وجهبذ الأمة، وهذا الداء – أعني: داء العجب – من أشدِّ ما يكون ضررًا على المرء، لا سيَّما طلبة العلم؛ لأنَّ الرجل إذا أُعجب برأيه احتقر الآخرين، ولم يرفعْ لرأيهم رأسًا، ولا يرى لمخالفتهم بأسًا، وتجده يمشي على الأرْض، فكأنَّه يمشي على الهواء من شدَّة العُجب عنده، حتى إنَّ الرجل ليذهب إلى القوم الذي ليس لهم حَظٌّ من النظر، فيأخذ بهم، ويحتقِر الآخرين الذين عندَهم من العلم والنظر ما ليس عندَه؛ لأنَّه اطلع على حديث لم يعلم أنَّ له معارِضًا، لم يعلم أنَّه ضعيف، لم يعلم أنَّ له مخصِّصًا، فيأخذ به، ولَيْتَهُ يأخذ به ويَسلَم الآخرون من شرِّه، يأخذ به، ثم تراه يُضَلِّل مَن هو أفضل منه في العِلم والدِّين.

وهذا داءٌ عظيم يوجب لمن اتصف به – نعوذ بالله منه – أن يَعْمَى عن الحق، يَرى الباطل حقًّا، والحق باطلاً.

ولقد سمعتُ عن بعض الصِّغار في العلم أنَّه عورض مرَّة من المرات بقول الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله

فقيل له: أنت تقول كذا، وأحمد بن حنبل يقول كذا.
فقال: ومَن أحمد بن حنبل؟! أحمد بن حنبل رجل، وأنا رجل!
فكأنَّ الرجولة عندَه لا تكون إلاَّ بآلة الذَّكَر ولِحْيَةِ الرجل، الرجولة في الدِّين تحتاج إلى علم وتقوى، فَلْنفرِض أنك رجل، وأحمد بن حنبل رجل، لكن هل أنت في مصافِّ الإمام أحمد في العلم، أو في الزُّهْد، أو في التقوى؟!
اتقِّ الله يا أخي في نفسك، واعرِفْ قدرَ نفسك، ومَن أُعجب بنفسه سَقَط من أعين الناس، وهذه من الفِتن العظيمة.

ولهذا؛ تجد الرجل يتحدَّث معك وهو شامخ مرتفع، لا يلين ولا يتبيَّن لديه الحقّ، وذلك بسبب الإعجاب بالنفس، وهو مِن الفتن التي نسأل الله – عزَّ وجلَّ – أن يجعلنا ممَّن عَرَف قدرَ نفسه، وأنزلها في منزلته”.

أخذ من شريط: "موقف المسلم من الفتن"؛ للشيخ محمد بن صالح العثيمين
 - رحمه الله تعالى -تسجيلات الخالد الإسلامية، بالمدينة النبوية

 

You May Also Like