نواقض الإسلام (1 تتمة)


نواقض الإسلام (1 تتمة)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فقد تكلمنا عن الناقض الأول من نواقض الإسلام وهو: “الشرك في عبادة الله” ،وذكرنا بعض ما يتعلق بهذا الناقض ،وفي هذا المقال نستكمل ماتوقفنا عنده من شرح الناقض الأول

دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الإشراك بالله ينقسم إلى قسمين :
1-شرك أكبر .

2- شرك أصغر .

فالنوع الأول”الشرك الأكبر”هو:
صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله كالذبح لأهل القبور من الأولياء والصالحين وذلك رجاء غير الله فيما لايقدر عليه إلا الله من جلب نفع أو دفع ضر ، وهذا النوع مخرج من الملة ،ومخلد صاحبه في النار إن لقي الله غير تائب من شركه
قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأْرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[يُونس: 18]

أقسام الشرك الأكبر :
للشرك الأكبر أقسام أربعة

الأول : شرك الدعوة – أي الدعاء – :

وهو أن يدعو العبد غير الله كدعاء الله عبادة ومسألةً، فمن دعا غير الله كدعاء الله فقد أشرك بالله، قال تعالى عن هذا النوع من الشرك {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ *}[العَنكبوت: 65] أي يشركون في الدعاء.

فمن كان مراده بالدعاء طلب نفع أو دفع ضر فهذا دعاء المسألة،ومن كان مراده الخضوع والانكسار والذل بين يدي الله جل شأنه فهذا دعاء عبادة .
والدعاء بنوعيه دعاء المسألة ودعاء العبادة لا يجوز التوجه به لغير الله ولهذا فمن دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا هو كان مشركاً قال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلـهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }[المؤمنون: 117]

الثاني : شرك النية والإرادة والقصد :
وهو أن يقصد ويُريد وينوي بعمله أصلاً غير الله جل شأنه،
قال تعالى في هذا النوع من الشرك :{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآْخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[هـُـود: 15-16]
فالأصل عند ورود إحباط العمل في القرآن أن سببه الشرك والكفر.
فمن قصد بعمله الدنيا لا غير، عجل الله له ما أراده، وأعطاه من الدنيا مقصده، لكن عمله عند الله حابط، وليس له في الآخرة إلا النار،
أما ورود بعض النيات السيئة على نية العبد وقصده في شيء من أعماله، فهذا داخل في باب الشرك الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من الملة، لكنه يقلّل ثوابه

الثالث : شرك الطاعة :
وهو مساواة غير الله بالله في التشريع والحكم، فالتشريع والحكم حق جعله الله لنفسه قال تعالى : {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ}[يُوسُف: 40].
وقال سبحانه في هذا النوع من الشرك :{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشّـورى: 21]
فمن ادعى أن لأحدٍ من الناس سواءً – علماء أو حكاماً أو غيرهم – حق التشريع من دون الله أو مع الله فقد أشرك مع الله إلهاً آخر في حق الله وحده، وكفر بما أنزل من عند الله.

والتابع والطائع لمن أحل ما حرم الله وحرم ما أحل الله لا يخلو من حالين :
الحالة الأولى :
أن يطيعوهم في ذلك مع علمهم بتبديلهم لحكم الله ومخالفتهم للرسل، فيعتقدون مع ذلك تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله اتباعاً لرؤوسهم، فهذه الحالة كفر مخرج عن الملة.
الحالة الثانية : أن يطيعوهم في ذلك مع اعتقادهم تحريم ما حرم الله وتحليل ما أحل الله، ولكن طاعتهم كانت عن هوى وعصيان مع اعترافهم بذنوبهم كما هو حال كثير من المسلمين في هذا الوقت، فهؤلاء حكمهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب والمعاصي.

الرابع: شرك المحبة :
وهو أن يحب مع الله غيره كمحبته لله أو أشد من ذلك،
قال تعالى مبيناً حال المشركين في هذا الباب : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}[البَقـَـرَة: 165].
فسماهم أنداداً من دون الله.

وأماالنوع الثاني : الشرك الأصغر:
فهو كل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر، ووسيلة ‏للوقوع فيه، وجاء في النصوص تسميته شركاً، كالحلف بغير الله، ولا يخرج مرتكبه من الإسلام لكنه ينقص توحيده لأنه مظنة للانحدار إلى ‏الشرك الأكبر.

والشرك الأصغر على نوعين :

النوع الأول : الشرك الظاهر :

وهو ما يقع في الأقوال والأفعال، فشرك الألفاظ كالحلف بغير الله تعالى والأصل في هذا الشرك أنه شرك أصغر، وقد يصل إلى الشرك الأكبر بحسب نية قائله وقصده، فإن قصد تعظيم غير الله كتعظيم الله فقد أشرك شركاً أكبر ،وأما شرك الأفعال كلبس الحلقة والخيط لرفع البلاءِ أو دفعه، وكتعليق التمائم خوفاً من العين فمن اعتقد أن هذه أسباب لرفع البلاءِ ودفعه فهو شرك أصغر، وأما إن اعتقد أنها تدفع البلاء بنفسها فهذا شرك أكبر.

النوع الثاني : الشرك الخفي :
وهو الشرك في النيات والمقاصد والإرادات كالرياءِ والسمعة كمن يعمل عملاً مما يتقرب به إلى الله فيُحسن عمله من صلاةٍ أو قراءةٍ لأجل أن يمدح ويثنى عليه،
لما روي في «المسند» من حديث يزيد بن الهاد عن عمرو عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر»، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: «الرياء».

جمع وترتيب:إيثارأشرف المزّين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
كتاب الإعلام بتوضيح نواقض الإسلام للطريفي،
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثاني الطاغوت والشرك
،شرح نواقض الإسلام لعبد الله بن عبد الرحمن السعد

You May Also Like