مبطلات الصلاة ومكروهاتها وحكم تاركها
يبطل الصلاة أمور نجملها فيما يأتي:
1 – يبطل الصلاة ما يبطل الطهارة؛ لأن الطهارة شرط لصحتها، فإذا بطلت الطهارة بطلت الصلاة.
2 – الضحك بصوت: وهو القهقهة، فإنه يبطلها بالإجماع؛ لأنه كالكلام، بل أشد، ولما في ذلك من الاستخفاف والتلاعب المنافي لمقصود الصلاة. أما التبسم بلا قهقهة فإنه لا يبطلها، كما نقله ابن المنذر وغيره.
3 – الكلام عمداً لغير مصلحة الصلاة: فعن زيد بن أرقم – رضي الله عنه – قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه، وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: 238]. فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام (أخرجه البخاري ومسلم).
فإن تكلم جاهلاً أو ناسياً، لا تبطل صلاته.”
“4 – مرور المرأة البالغة، أو الحمار، أو الكلب الأسود بين يدي المصلي دون موضع سجوده: لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود) (رواه مسلم).
والرَّحْلُ: هو ما يركب عليه على الإبل، وهو كالسرج للفرس، ومؤخرة الرحل مقدارها ذراع، فيكون هذا المقدار هو المجزئ في السترة.
5 – كشف العورة عمداً: لما تقدم في الشروط.
6 – استدبار القبلة: لأن استقبالها شرط لصحة الصلاة.
7 – اتصال النجاسة بالمصلي، مع العلم بها، وتذكرها إذا لم يُزلها في الحال.
8 – ترك ركن من أركانها أو شرط من شروطها عمداً بدون عذر.
9 – العمل الكثير من غير جنسها لغير ضرورة، كالأكل والشرب عمداً.
10 – الاستناد لغير عذر، لأن القيام شرط لصحتها.
11 – تعمُّد زيادة ركن فعلي كالزيادة في الركوع والسجود؛ لأنه يخل بهيئتها، فتبطل إجماعاً.
12 – تعمُّد تقديم بعض الأركان على بعض؛ لأن ترتيبها ركن، كما تقدم.
13 – تعمُّد السلام قبل إتمامها.
14 – تعمُّد إحالة المعنى في القراءة، أي قراءة الفاتحة؛ لأنها ركن.
15 – فسخ النية بالتردد بالفسخ، وبالعزم عليه؛ لأن استدامة النية شرط.
ما يكره في الصلاة:
(الكراهة في اصطلاح الفقهاء هي النهي عن الشئ)
يكره في الصلاة الأمور التالية:
1 – الاقتصار على الفاتحة في الركعتين الأوليين، لمخالفة ذلك لسنة النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وهديه في الصلاة.”
“2 – تكرار الفاتحة: لمخالفة ذلك -أيضاً- لسنة النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لكن إن كررها لحاجة؛ كأن يكون فاته الخشوع وحضور القلب عند قراءتها، فأراد تكرارها ليحضر قلبه، فلا بأس بذلك، لكن بشرط ألا يَجُرَّهُ ذلك إلى الوسواس.
3 – يكره الالتفات اليسير في الصلاة بلا حاجة: لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حين سئل عن الالتفات في الصلاة: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) (أخرجه البخاري)
.والاختلاس: السرقة والنهب.
أما إذا كان الالتفات لحاجة فلا بأس به، كمن احتاج إلى أن يتفُل عن يساره في الصلاة ثلاثاً إذا أصابه الوسواس، فهذا التفات لحاجة، أمر به النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكمن خافت على صبيّها الضياع، فصارت تلتفت في الصلاة؛ ملاحِظة له.
هذا كله في الالتفات اليسير، أما إذا التفت الشخص بكليته أو استدبر القبلة، فإنه تبطل صلاته، إذا كان ذلك بغير عذر من شدة خوف ونحوه.
4 – تغميض العينين في الصلاة: لأن ذلك يشبه فعل المجوس عند عبادتهم النيران. وقيل: يشبه فعل اليهود أيضاً، وقد نُهينا عن التشبه بالكفار.
5 – افتراش الذراعين في السجود: لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب) (أخرجه البخاري).
فينبغي للمصلي أن يجافي بين ذراعيه، ويرفعهما عن الأرض، ولا يتشبه بالحيوان.
6 – كثرة العبث في الصلاة: لما فيه من انشغال القلب المنافي للخشوع المطلوب في الصلاة.
7 – التَخَصُّرُ: لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه -: (نُهي أن يصلي الرجل مختصراً) أخرجه البخاري
والتخصُّر والاختصار في الصلاة: وَضْعُ الرجل يده على الخَصْرِ والخاصِرَة، وهي وسط الإنسان المُستَدقّ فوق الوركين. وقد عللت عائشة رضي الله تعالى عنها الكراهة: بأن اليهود تفعله (رواه عنها مسروق أخرجه البخاري).
8 – السَّدْلُ وتغطية الفم في الصلاة: لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: (نهى رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه) (أخرجه أبو داوود والترمذي). والسدل: أن يطرح المصلي الثوب على كتفيه، ولا يردَّ طرفيه على الكتفين. وقيل: إرسال الثوب حتى يصيب الأرض، فيكون بمعنى الإسبال.
9 – مسابقة الإمام: لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار) أخرجه البخاري ومسلم.
10 – تشبيك الأصابع: لنهيه – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – من توضأ وأتى المسجد يريد الصلاة عن فعل ذلك (أخرجه البخاري ومسلم)،
فكراهته في الصلاة من باب أولى. والتشبيك بين الأصابع:بعضها في بعض. وأما التشبيك خارج الصلاة فلا كراهة فيه، ولو كان في المسجد، لِفِعْله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إياه في قصة ذي اليدين.
11 – كَفُّ الشعر والثوب: لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أُمر النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أن يسجد على سبعة أعظم، ولا يكفَّ ثوبه ولا شعره) (أخرجه البخاري ومسلم). والكفّ: قد يكون بمعنى الجمع، أي: لا يجمعهما ويضمهما، وقد يكون بمعنى المنع، أي: لا يمنعهما من الاسترسال حال السجود. وكله من العبث المنافي للخشوع في الصلاة.
12 – الصلاة بحضرة الطعام، أو وهو يدافع الأخبثين: لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان) (أخرجه مسلم).
أما كراهة الصلاة بحضرة الطعام: فذلك مشروط بتوقان نفسه إليه ورغبته فيه، مع قدرته على تناوله، وكونه حاضراً بين يديه. فلو كان الطعام حاضراً، لكنه صائم، أو شبعان لا يشتهيه، أو لا يستطيع تناوله لشدة حرارته، ففي ذلك كله لا يكره له الصلاة بحضرته.
وأما الأخبثان: فهما البول والغائط. وقد نهي عن ذلك كله؛ لما فيه من انشغال قلب المصلي، وتشتت فكره، مما ينافي الخشوع في الصلاة. وقد يتضرر بحبس البول والغائط ومدافعتهما.
13 – رفع البصر إلى السماء: لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لتخطفن أبصارهم) (رواه مسلم).
حكم تارك الصلاة:
من ترك الصلاة جاحِداً لوجوبها، فهو كافر مرتد، لأنه مُكذِّبٌ لله ورسوله وإجماع المسلمين.
أمَّا من تركها تهاوناً وكسلاً: فالصحيح أنه كافر إذا كان تاركاً لها دائماً وبالكلية، لقوله تعالى عن المشركين: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) [التوبة: 11]. فدلَّ على أنهم إن لم يحققوا شرط إقامة الصلاة فليسوا بمسلمين، ولا إخوة لنا في الدين. ولقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)
وقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن بين الرجل وبين الشرك والكفر تَرْكَ الصلاة)
أمَّا من كان يصلي أحياناً ويترك أحياناً، أو يصلي فرضاً أو فرضين، فالظاهر أنه لا يكفر؛ لأنه لم يتركها بالكلية، كما هو نص الحديث: (ترك الصلاة) فهذا ترك (صلاة) لا (الصلاة). والأصل بقاء الإسلام، فلا نخرجه منه إلا بيقين، فما ثبت “ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين.
(انظر الشرح الممتع).
المصدر الفقه الميسر من الكتاب والسنة
جمع وترتيب ا.منيرة صالح