السيدة خديجة بنت خويلد
مقدمة
فى هذه السلسلة بإذن الله سنتحدث عن أمهات المؤمنين رضى الله عنهن، زوجات النبى صلى الله عليه وسلم
و الراجح من أقوال العلماء أنه صلي الله عليه وسلم كان له أحد عشرة زوجة
وهن على التوالى :
- خديجة بنت خويلد رضى الله عنها
- سودة بنت زمعة رضي الله عنها
- عائشة بنت أبى بكر الصديق رضي الله عنها
- حفصة بنت عمر رضي الله عنها
- زينب بنت خزيمة رضي الله عنها
- أم سلمة رضي الله عنها
- زينب بنت جحش رضى الله عنها
- جويرية بنت الحارث رضى الله عنها
- صفية بنت حي رضى الله عنها
- رملة بنت أبى سفيان (أم حبيببة ) رضى الله عنها
- ميمونة بنت الحارث رضى الله عنها
ولقد توفى عليه الصلاة والسلام وتحته تسع زوجات فقط ، فلقد توفت السيدة خديجة رضى الله عنها والسيدة زينب بنت خزيمة فى حياته صلى الله عليه وسلم.
- أولى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم
( السيدة خديجة رضي الله عنها )
- هى السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية رضي الله عنها ، وأمها فاطمة بنت زائدة بن جندب ، ويلتقى نسبها بنسب النبي صلى الله عليه وسلم في الجد الخامس ، وهي أقرب أمهات المؤمنين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهى أول من تزوجها عليه الصلاة والسلام وأول من آمن على الإطلاق
- نشأت على التخلق بالأخلاق الحميدة وكان من صفاتها العفة والحزم والعقل ، وكانت تدعى فى الجاهليه والإسلام بالطاهرة لشدة عفافها وشرفها وكمالها ، وكانت تسمى أيضا بسيدة نساء قريش
- وقد تزوجت السيدة خديجة رضي الله عنها برجلين قبل النبى صلى الله عليه وسلم ، فلقد تزوجها أبو بكر التيمى (أبو هالة ) فولدت له هندا وهالة وهما ذكران ، وقد أسلما ، وقيل بل ولدت له هالة فقط ، ثم بعد وفاته تزوجها عتيق بن عائذ فولدت له جارية اسمها هند وقد أسلمت هى أيضا ، ثم توفى عنها زوجها الثانى
- وبعد وفاة زوجها الثانى انصرفت السيدة خديجة رضي الله عنها عن الزواج ورفضت أن تتزوج أحدا ممن تقدم لخطبتها، ولقد تقدم لخطبتها الكثير من أشراف مكة ، فلقد كانت من أوسط قريش وأكثرهم مالا، وكل قومها حريص على نكاحها لوقدروا على ذلك ، ولكنها رفضتهم جميعا لأنهم كانوا يطمعون فى ثروتها
- و كانت رضى الله عنها امرأة تاجرة ، ذات شرف ومال وتجارة تبعث بها إلى الشام وكانت تستأجر الرجال وتدفع إليهم المال ، ولما آن وقت خروج رحلات التجارة إلى الشام طلب أبو طالب من النبى صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على خديجة رضى الله عنها للخروج فى تجارتها
- ولما بلغ السيدة خديجة رضي الله عنها قول أبى طالب للنبى صلى الله عليه وسلم سارعت إلى الإرسال إليه وعرضت عليه الخروج فى مالها تاجرا وتعطيه ضعف ماكانت تعطي غيره من التجار ، وذلك لما بلغها عن امانته وصدقه ، فوافق النبي صلى الله عليه وسلم وخرج فى تجارتها مع غلامها ميسرة
- ولمس ميسرة فى هذه الرحلة الكثير من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وحسن معاملته وأمانته ، ورأى تظليل الغمام له صلى الله عليه وسلم فى مسيره ، وسمع قول الراهب الذي نزلوا بالقرب من صومعته والذي رأي النبي صلى الله عليه وسلم جالسا فى ظل شجرة قريبة من صومعته فسأل عنه ميسرة وأخبره انه مانزل تحت هذه الشجرة إلا نبي
- رأي ميسرة وسمع كل ذلك ووعاه ، وباعوا تجارتهم وربحوا ضعف ماكانوا يربحون وعادوا بربح وفير، ورجعوا مكة فدخلوا فى ساعة الظهيرة وخديجة رضى الله عنها فى غرفة عالية لها ، فرأت النبي صلى الله عليه وسلم يظلله الغمام وتكسوه المهابة والجلال عجبت لذلك
- ودخل عليها النبى صلى الله عليه وسلم فأخبرها بخبر التجارة وماربحت فسرت لذلك سرورا عظيما ، كما أخبرها ميسرة بما سمع ورأي خلال رحلته مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وإزاداد إعجابها به ومحبته فى قلبها
- عن نفيسة بنت منية رضي الله عنها قالت :- أرسلتني خديجة دسيسا إلى محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن رجع من الشام ، فقلت : يامحمد (صلى الله عليه وسلم ) مايمنعك أن تتزوج ؟
قال : مابيدي ما أتزوج
قلت :فإن كنت ذلك ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ، ألا تجيب ؟
قال : فمن هى ؟
قلت :خديجة
قال : وكيف لى بذلك ؟
قلت : على
قال : فأنا أفعل
فذهبت فأخبرتها وأرسلت إليه أن يأت فى ساعة كذا وكذا ، وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها ، وتم الزواج الميمون
- والمشهور عند المؤرخين أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة خديجة رضي الله عنها وعمره خمسة وعشرين عاما وعمرها أربعين عاما
- ولقد واست السيدة خديجة النبي صلى الله عليه وسلم بالنفس والمال ورزقه الله سبحانه وتعالى منها البنين والبنات
- فولدت له السيدة خديجة رضي الله عنها كل أولاده ، ما عدا إبراهيم فإنه من ماريا القبطية ، وكان أول من ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة : القاسم ، وبه يكنى ، ثم ولد له زينب ، ثم رقية ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة وهى أصغر بناته وولدت قبل البعثة بخمس سنين
ثم ولد له في الإسلام : عبد الله فسمى الطيب والطاهر رضي الله عنهم جميعا - فأما أولاده الذكور فقد ماتوا جميعا ، وكان أول من مات من ولده القاسم ثم عبد الله ثم إبراهيم مات في المدينة
- وأما الإناث فقد عشن حتى تزوجن وكلهن توفين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا فاطمة رضي الله عنها فقد توفت بعده بستة أشهر
- ولم يتزوج عليه الصلاة والسلام على السيدة خديجة رضي الله عنها في حياتها أحدا
- عندما اقترب رسول الله صلى الله عليه وسلم من اﻷربعين من عمره ،حبب له الخﻻء وكانت يختلى بنفسه في غار حراء ، إلى أن جاءه الوحي وهو في غار حراء ، فرجع ترجف بوادره وضلوعه حتى دخل على السيدة خديجة رضي الله عنها فقال :
“زملوني زملوني،” فزملوه حتى ذهب عنه الروع.
وهنا قال لخديجة رضى الله عنها :
“أي خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي“، وأخبرها الخبر، فردت عليه السيدة خديجة رضى الله عنها بما يطيب من خاطره ويهدأ من روعه فقالت:
كلا والله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق“ ثم انطلقت به رضي الله عنها حتى أتت به ورقة بن نوفل، وهو ابن عمها، وكان امرأ تنصر في الجاهلية،وكان شيخا كبيرا قد عمي، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبر مارأى ، فأعلمه ورقة أن هذا هو الناموس الذي أنزل على موسى
- وبذلك كانت السيدة خديجة رضي الله عنها أول من آمن بالله ورسوله وصدق بما جاء به، فلقد أمنت به وآزرته ونصرته في اللحظات الأولى للرسالة ، حين كفر به الناس ، وصدقته حين كذبه الناس ، وواسته بالنفس والمال ، وانتقلت معه من حياة الراحة والاستقرار إلى حياة الدعوة والكفاح والجهاد والحصار، فلم يزدها ذلك إلا حبا له وإصرارا على الوقوف بجانبه والتفاني في نشر دعوته صلوات الله وسلامه عليه.
- ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بني هاشم وبني عبد المطلب إلى شعاب مكة في عام المقاطعة، لم تتردد رضي الله عنها في الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها على الرغم من تقدمها بالسن، وأقامت في الشعب ثلاث سنين وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى“ وأجهدت فى فترة الحصار نتيجة كبر سنها رضى الله عنها ، وتوفيت ،وكان ذلك قبل هجرته صلى الله علبه وسلم إلى المدينة المنورة بثلاث سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة
- وكان ذلك في السنة العاشرة فقد توفي أبو طالب، وكان عمره بضعا وثمانين سنة، ثم توفيت بعده السيدة خديجة رضى الله عنها ، ودفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجون، ولم تكن الصلاة على الجنائز يومئذ ، وأنزلها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه في حفرتها وأدخلها القبر بيده، وكان مقامها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما تزوجها أربعا وعشرين سنة
- ولقد تزامن وقت وفاتها والعام الذي توفي فيه أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أيضا يدفع عنه ويحميه بجانب السيدة خديجة رضي الله عنها، فلقد حزن الرسول صلى الله عليه و سلم ذلك العام حزنا شديدا حتى سُمي بعد العلماء هذا العام بعام الحزن.
وفضائلها رضى الله عنها لاتحصى
- فهي خير نساء الجنة
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
“خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة“ الصحيحبن
- ومن فوق سبع سموات، يقرؤها ربها السلام:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال :
أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “ يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك بإناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب“ الصحيحين
- و لم ينساها رسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة حياته وبعد وفاتها ، إذ كان يكثر ذكرها ويتصدق عليها، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت :
ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وما رأيتها ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول: “إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد“ الصحيحين
رضي الله عن خديجة وعائشة وسائر امهات المؤمنين
المصادر
كتاب صفة الصفوة/ ابن الجوزي
كتاب أمهات المؤمنين / محمود المصري
موقع قصة الإسلام / د.راغب السرجاني
جمع وترتيب :أ. سعاد أبو النجا