فضائل عائشة رضي الله عنها3
فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كثيرة جداً ، وهي تعتبر من أكثر الصحابيات فضلاً ، فيكفيها فضلاً أنه نزل في براءتها قرآن يتلى إلى يوم القيامة ، ويكفيها فضلاً أنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ،وأنها أحب نسائه إلى قلبه ،فقد قال صلى الله عليه وسلم :
“عائشة زوجي في الجنة” صححه الألباني
وأنه مات في دارها ودفن فيها ، وأنه مات بين سحرها ونحرها .
و من فضائلها ،ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم عليها فقد قالَ عليه الصلاة والسلام -: (( فضْلُ عائشةَ على النِّساءِ كفَضْل الثَّرِيدِ على سائرِ الطعام))؛ صحيح البخاري
وعَنْها رضِي الله عنها قَالَتْ: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يَوْمًا: ((يا عائِشَ، هَذا جبْريلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَم))، فَقُلْتُ: وَعليه السلام ورحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُه، تَرَى ما لا أَرى – تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ، صلَّى الله عليه وسلَّم.
رواه البخاريُّ ومسلم.
ومن فضائلها ، قول الرسول صلى الله عليه وسلم لام سلمة رضي الله عنها :
” يا ام سلمة ، لا تؤذيني في عائشة، فانه والله ما نزل علي الوحي وانا في لحاف امرأة منكن غيرها “
رواه البخاري
ومن بركتها رضى الله عنها أنها قالت :” لقد توُفِّيَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، وما في بَيتي مِن شيءٍ ، يأكلُهُ ذو كَبدٍ ، إلَّا شَطرُ شَعيرٍ ، في رفٍّ لي ، فأَكَلتُ منهُ ، حتَّى طالَ علَيَّ ، فَكِلْتُهُ ففَنيَ”
صححه الألباني
ومن بركتها رضي الله عنها أنها كانت السبب في نزول بعض آيات القرآن ، ومنها آية التيمم ، وذلك عندما استعارت من أسماء رضي الله عنها قلادة ، فضاعت منها ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ،بعض أصحابه ليبحثوا عنها ، فأدركتهم الصلاة ولم يكن عندهم ماءٌ فصلّوا بغير وضوء ، فلما أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ، فنزلت آية التيمم ، فقال أسيد بن حضير لعائشة : ” جزاكِ الله خيراً ، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لكِ منه مخرجاً ، وجعل للمسلمين فيه بركة ”
متفق عليه
وعلى الرغم من صغر سنّها ، إلا أنها كانت ذكيّةً سريعة التعلّم ، ولذلك استوعبت الكثير من علوم النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى أصبحت من أكثر النساء روايةً للحديث ، ولا يوجد في نساء أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – امرأة أعلم منها بدين الإسلام .
ومما يشهد لها بالعلم قول أبي موسى رضي الله عنه : “ ما أشكل علينا أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – حديثٌ قط فسألنا عائشة ، إلا وجدنا عندها منه علماً “ صححه الألباني
وتعتبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من أفقه نساء هذه الأمة ، فكيف لا تكون فقيهة وهي التي تربت في بيت النبوة وأخذت العلم مباشرة من معلم هذه الأمة عليه الصلاة والسلام .
فقد روت عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً ، وبلغ مسندها رضي الله عنها ألفين ومئتين وعشرة أحاديث ، وكانت أفصح أهل زمانها وأحفظهم للحديث ، روى عنها الرواة من الرجال والنساء
وقد ثبت رجوع أكابر الصحابة مثل عمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وغيرهم في الكثير من المسائل التي كانت تشكل عليهم الى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فكانت تفصل بينهم بالحكم الشرعي كما قال ابو موسى الأشعري رضي الله عنه
وقيل لمسروق : هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال : إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – يسألونها عن الفرائض “رواه الحاكم .
وقال الزُّهري : لو ُجمع علم نساء هذه الأمة ، فيهن أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – ، كان علم عائشة أكثر من علمهنّ “ رواه الطبراني .
ولقد كانت رضى الله عنها أيضا صاحبة معرفة بأنساب العرب ،وكان لها معرفه بالشعر ، فقد قال عروة : ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم، والشعر، والطب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.”
رواه البخاري
وقال بن عبد البر: إن عائشة كانت وحيدة عصرها من ثلاثة علوم : علم الفقه ، وعلم الشعر ، وعلم الطب .
وقد كانتْ أُمُّ المؤمنين كثيرةَ الصيام، حتى ضعُفت، كما جاء في السِّيَر للذهبي – رحمه الله تعالى – عن عبدِالرحمن بن القاسِم، عن أبيه: أنَّ عائشةَ كانتْ تصوم الدَّهْر.
كما كانتْ زاهدةً في الدنيا، فعَنْها قالت:”ما شَبِع آلُ محمَّد يومَيْن من خُبزِ بُرٍّ إلا وأحدهما تَمْر”؛
متفق عليه.
وعن عطاء: أنَّ معاويةَ بعَث إلى عائشةَ بقِلادةٍ بمائةِ ألْف، فقسمتْها بيْن أمَّهات المؤمنين.
وعن عُروةَ، عن عائشة: أنَّها تصدَّقتْ بسَبْعِين ألفًا; وإنَّها لتُرقِّع جانبَ دِرْعها – رضي الله عنها.
وعن أُمِّ ذَرَّة، قالت: بعَث ابنُ الزبير إلى عائشةَ بمالٍ في غِرَارتَيْن، يكون مائة ألْف، فدَعَتْ بطَبق، فجعَلتْ تقسم في الناس، فلمَّا أمسَت، قالت: هاتِي يا جاريةُ فُطوري، فقالت أمُّ ذَرَّة: يا أمَّ المؤمنين، أمَا استطعتِ أن تشتري لنا لحمًا بدِرْهم؟! قالت: لا تُعنِّفيني، لو أذْكْرِتني لفعلت
ولما حان وقت الرحيل بعد عمر من العبادة والعطاء ، وجاء عبد الله بن عباس رضي الله عنه يستأذن على أم المؤمنين عائشة عند وفاتها فجاء ابن أخيها عند رأسها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، فأكب عليها فقال : هذا عبد الله بن عباس يستأذن ، وهي تموت ، فقالت : دعني من ابن عباس . فقال : يا أماه !! إن ابن عباس من صالح بنيك يسلم عليك ويودعك . فقالت : ائذن له إن شئت . قال : فأدخلته ، فلما جلس قال ابن عباس : أبشري . فقالت أم المؤمنين : بماذا ؟ فقال : ما بينك وبين أن تلقي محمداً والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد ، وكنت أحب نساء رسول الله إليه ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيباً ، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله وأصبح الناس وليس معهم ماء ، فأنزل الله آية التيمم ، فكان ذلك في سببك ، وما أنزل الله من الرخصة لهذه الأمة ، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات ، جاء بها الروح الأمين ، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار . فقالت : دعني منك يا ابن عباس ، والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسياً منسياً .
رضي الله عن الصديقة بنت الصديق ونختم بهذه القصيدة التي كتبها حسان بن ثابت رضي الله عنه للذب عن عرضها بعد حادثة الإفك
حصـانٌ رزانٌ مـا تُزنُّ بِرِيبَةٍ * وتُصْبِحُ غَرْثَى من لحومِ الغوَافِلِ
حليلة ُ خيرِ الناسِ ديناً ومنصبا ً* نبيِّ الهُدى والمَكرُماتِ الفوَاضِلِ
عقيلة ُ حيٍّ من لؤيّ بنِ غالبٍ * كرامِ المساعي مجدهم غيرُ زائلِ
مهذبة ٌ قدْ طيبَ اللهُ خِيمَهَا * وطهرها من كلّ سوءٍ وباطلِ
فإن كنتُ قد قلتُ الذي قد زعمتمُ * فَلا رَفَعَتْ سَوْطي إليّ أنامِلي
وإنّ الذي قدْ قيلَ ليسَ بلائطٍ *بها الدهرَ بل قولُ امرئٍ بيَ ماحلِ
فكَيْفَ وَوُدّي ما حَيِيتُ ونُصرَتي * لآلِ نبيّ اللهِ زينِ المحافلِ
لهُ رَتَبٌ عالٍ على الناسِ كلهمْ * تقاصرُ عنهُ سَورَةُ المتطاولِ
رأيتكِ وليغفرْ لكِ اللهُ حرةً * مِنَ المُحصنَاتِ غيرَ ذاتِ غوَائِلِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حصانٌ : عفيفة .
رزانٌ : وقورة ، ثابتة .
تزنُّ : تُتهم، تُرمى.
غَرْثَى : جائعة.
الغوَافِلِ: جمع غافلة وهي العفيفة الغافلة عن الشر.
حليلة : زوجة.
عقيلة: سيدة، كريمة.
المَكرُماتِ الفوَاضِلِ : أفعال الخير الرفيعة الدرجة.
مهذبة: أي صافية مخلصة.
كرام المساعي : طيبو المقاصد.
المساعي: جمع مسعاة، وهو ما يسعى فيه من طلب المجد والكرم.
مجدها : كرمها، نبلها وشرفها.
الخيم: الطبع والأصل.
أنامِلي : أصابعي.
لائطٍ : لازق ، لاصق.
الماحلِ : الساعي بالنميمة، القتات.
رَُتب: من رواه بفتح الراء فهو الموضع المشرف من الأرض استعاره هنا للمجد والشرف، ومن رواه بضم الراء فهو جمع رتبة.
سَُورة : بضم السين المنزلة، وبفتح السين الوثبة.
غوَائِلِ : دواهي، شر .
جمع وترتيب :أ. سعاد أبو النجا