الاسلام دين الحياة
يحتار ويتسأل كثير من الناس عن الهدف والغاية من الوجود ولماذا خلقوا .
وقد حدد القرآن الغاية والهدف من وجود الإنسان في هذه الحياة بكل وضوح ودقة في قول الله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56)
فالعبادة هي الغاية والهدف من وجودنا في هذه الأرض.
ولكن العبادة في المفهوم الإسلامي ليست الرهبنة والصوم والصلاة فقط ولكن العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة فأصل العبادة هي محبة الله وإفراده بها قال تعالي :{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162).
فالإسلام منهج متكامل لجميع جوانب الحياة بكل أبعادها وآفاقها فيشمل ذلك كله وغيره. ولما قال أحد المشركين ساخراً، للصحابي الجليل سلمان الفارسي :إن صاحبكم (يعني رسول الله) يعلمكم كل شيء حتى آداب البول والغائط؟ أجابه الصحابي الجليل: نعم قد علمنا، ثم ذكر له أحكام الإسلام وآدابه في هذا الأمر.
الاسلام دين رحمة وتكافل بين الناس فقد حدد رسول الله صلي الله عليه وسلم سبب بعثته فقال : ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين “ ( الأنبياء:107 ).
وبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا حقيقة الرسالة التي بعث بها وأنها لم تأت لتكليف الناس فوق طاقتهم وإنما جاءت بالتعليم والحكمة واليسر فقال:“إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلِّماً ميسّرا”(صحيح مسلم ).
الاسلام لا يخصص مكانا صالحا للعيش فيه والعبادة فجميع الارض مكان لعبادة الله ولا يوجد واسطة بين العبد وربه فالله سبحانه وتعالي قريب من عباده يسمع دعاءهم ويجيبه ويري عبادتهم ويثيبهم عليها . وحرّر الاسلام عقل المسلم و دعاه الي التفكر والتعقّل والاحتكام الي القرءان وما ثبت من أقوال النبي وأفعاله عند الاختلاف، ولا يوجد في الاسلام من يملك الحق المطلق ويجب الانصياع لأمره في كل ما يقوله إلّا رسول الله لانه لا ينطق من هواه وانما بوحي قال تعالي : “وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4)”(النجم) .
لم يكن مصادفة أن أول كلمة من القرآن نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هي (إقرأ)، فقد تم التأكيد على دعم الإسلام لجميع أنواع العلوم النافعة للبشرية حتى صار الطريق الذي يسلكه المسلم طلباً للعلم والمعرفة هو طريقه وسبيله إلى الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم :“من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقا من طرق الجنة” (صحيح مسلم) .
الإسلام دين يوازن بين الحياة الدنيا والحياة الاخرة فالدنيا هي مزرعة للاخرة فقد امرنا الله بعمارة الارض ومخالطة الناس ومشاركتهم في بناء الحضارة والأصلاح والتواصل بأعلي درجات الاخلاق فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :” إنما بُعِثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ “ ( صحيح الألباني ).
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على ما يصيبه من إيذائهم وأخطائهم خير من الذي يعتزلهم ويبتعد عنهم “(صحيح ابن ماجه ).
فقد أنعم الله تعالى على الإنسان بنعم لا حصر لها، فما زال كل واحد منا يتقلب في نعم الله وفضائله، فهو سبحانه من أنعم علينا بالسمع و البصر حين حُرمها كثير من الناس، وأنعم علينا بالعقل و الصحة و المال والأهل، بل سخر لنا الكون كله بشمسه وسمائه وأرضه ومخلوقاته {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهاَ} (النحل: 18) فنعم الله تعالى كثيرة، ومع هذا فالنعمة الوحيدة التي ذكر الله منَّه بها علينا هي نعمة الإسلام والهداية لعبادته وتوحيده. ولكن هذه النعمة بحاجة إلى الشكر لتبقى وتثبت، كما قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (إبراهيم: 7)
فالشكر يكون بأمرين : التعريف بالإسلام والدعوة إليه بحكمة وبصيرة و التمسك بالدين والصبر على الأذى فيه.
جمع وترتيب :أ. آية إبراهيم