بسم الله الرحمن الرحيم
آداب قضاء الحاجة
المسألة الأولى: الاستنجاء والاستجمار وقيام أحدهما مقام الآخر:
الاستنجاء: إزالة الخارج من السبيلين بالماء.
الاستجمار: مسحه بطاهر مباح مُنْقِ كالحجر ونحوه.
ويجزئ أحدهما عن الآخر؛ لثبوت ذلك عن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فعنَ أنس – رضي الله عنه – قال: (كان النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة، فيستنجي بالماء)رواه مسلم
. وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: (إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فليستطب بثلاثة أحجار، فإنها تُجزئ عنه) أخرجه احمد والدار قطني
. والجمع بينهما أفضل.
والاستجمار يحصل بالحجارة أو ما يقوم مقامها من كل طاهر مُنْقِ مباح، كمناديل الورق والخشب ونحو ذلك؛ لأن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كان يستجمر بالحجارة فيلحق بها ما يماثلها في الإنقاء. ولا يجزئ في الاستجمار أقل من ثلاث مسحات؛ لحديث سلمان – رضي الله عنه -: (نهانا -يعني النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) – أن نستنجي باليمين، وأن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، وأن نستنجي برجيع أو عظم) رواه مسلم
المسألة الثانية :استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة:
لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها حال قضاء الحاجة في الصحراء بلا حائل؛ لحديث أبي أيوب الأنصاري – رضي الله عنه -: قال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها، ولكن شَرِّقوا أو غَرِّبوا) قال أبو أيوب: فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بُنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله. رواه البخاري ومسلم
أما إن كان في بنيان، أو كان بينه وبين القبلة شيء يستره، فلا بأس بذلك؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه رأى رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يبول في بيته مستقبل الشام مستدبر الكعبة) رواه البخاري ومسلم
، ولحديث مروان الأصغر قال: (أناخ ابن عمر بعيره مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليه، فقلت: أبا عبد الرحمن، أليس قد نُهي عن هذا؟ قال: بلى إنما نهي عن هذا في الفضاء، أما إذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس)رواه أبو داود والدار قطني وحسنه الحافظ بن حجروالألباني
والأفضل ترك ذلك حتى في البنيان، والله أعلم.
المسألة الثالثة: ما يسن فعله لداخل الخلاء:
يسن لداخل الخلاء قول: “بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث”. وعند الانتهاء والخروج: “غفرانك”. وتقديم رجله اليسرى عند الدخول واليمنى عند الخروج، وأن لا يكشف عورته حتى يدنو من الأرض.
وإذا كان في الفضاء يستحب له الإبعاد والاستتار حتى لا يُرى.
وأدلة ذلك كله: حديث جابر – رضي الله عنه – قال: (خرجنا مع رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في سفر وكان رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لا يأتي البراز حتى يتغيب فلا يُرى) رواه أبو داود
وحديث علي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الخلاء، أن يقول: بسم الله) رواه ابن ماجه والترمذي
وحديث أنس – رضي الله عنه -: كان النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إذا دخل الخلاء قال: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) رواه البخاري ومسلم.
وحديث عائشة رضي الله عنها: (كان – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك) رواه أبو داود والترمذي
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض) رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني
المسألة الرابعة: ما يحرم فعله على من أراد قضاء الحاجة:
١- يحرم البول في الماء الراكد؛ لحديث جابر عن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أنه نهى عن البول في الماء الراكد) رواه مسلم ونحوه عند البخاري
٢- لا يمسك ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يستنجي بها. لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه) رواه البخاري واللفظ له
٣- يحرم عليه البول أو الغائط في الطريق أو في الظل أو في الحدائق العامة أو تحت شجرة مثمرة أو موارد المياه؛ لما روى معاذ قال: قال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل) رواه أبو داود وابن ماجه، ولحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: (اتقوا اللاعنين)، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: (الذي يَتَخَلى في طريق الناس أو في ظلهم) رواه مسلم
٤- و يحرم عليه قراءة القرآن،
٥- ويحرم عليه الاستجمار بالروث أو العظم أو بالطعام المحترم؛ لحديث جابر – رضي الله عنه -: (نهى النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أن يتمسح بعظم أو ببعر)رواه مسلم
٥- ويحرم قضاء الحاجة بين قبور المسلمين، قال النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي، أو وسط السوق؟) رواه بن ماجه وصححه الألباني
المسألة الخامسة: ما يكره فعله للمُتَخَلِّي:
١- يكره حال قضاء الحاجة استقبال مهب الريح بلا حائل؛ لئلا يرتد البول إليه
٢- ويكره الكلام؛ فقد مرّ رجل والنبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يبول، فسلَّم عليه، فلم يردّ عليه رواه مسلم
٣- ويكره أن يبول في شَق ونحوه؛ لحديث قتادة عن عبد الله بن سرجس : (أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نهى أن يبال في الجُحْر، قيل لقتادة: فما بال الجحر؟ قال: يقال: إنها مساكن الجن) رواه أبو داود والنسائي ، ولأنه لا يأمن أن يكون فيه حيوان فيؤذيه، أو يكون مسكناً للجن فيؤذيهم.
٤- ويكره أن يدخل الخلاء بشيء فيه ذكْرُ الله إلا لحاجة؛ لأن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – (كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال أبو داود حديث منكر
أما عند الحاجة والضرورة فلا بأس، كالحاجة إلى الدخول بالأوراق النقدية التي فيها اسم الله؛ فإنه إن تركها خارجاً كانت عرضة للسرقة أو النسيان.
أما المصحف فإنه يحرم الدخول به سواء كان ظاهراً أو خفياً؛ لأنه كلام الله وهو أشرف الكلام، ودخول الخلاء به فيه نوع من الإهانة.